:
بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية منذ عام 2000، شخصية محورية في السياسة الإقليمية والدولية على مدى العقدين الماضيين. وُلد في 11 سبتمبر 1965 في دمشق، وهو الابن الثاني للرئيس السابق حافظ الأسد، الذي حكم سوريا بين عامي 1971 و2000. عُرف بشار في بداياته بشخصيته الهادئة والطموحة، قبل أن يصبح محورًا للجدل الدولي بسبب دوره في الأزمة السورية التي بدأت في عام 2011.
النشأة والتعليم لبشار الاسد
نشأ بشار الأسد في عائلة سياسية بارزة في سوريا. تلقى تعليمه في مدرسة العرب الدولية في دمشق، حيث أظهر اهتمامًا بالعلوم أكثر من السياسة. تخرج في عام 1988 من كلية الطب بجامعة دمشق متخصصًا في طب العيون، وأكمل لاحقًا تدريبًا تخصصيًا في لندن. كانت هذه المسيرة المهنية مختلفة عن توجهات العائلة السياسية، حيث كان أخوه الأكبر باسل يُعد ليكون خليفة والده.
بعد وفاة باسل في حادث سيارة عام 1994، عاد بشار إلى سوريا ليكون الوريث السياسي للعائلة. سرعان ما انخرط في الشؤون العسكرية والسياسية، حيث تلقى تدريبًا في الأكاديمية العسكرية بحمص وبدأ في تعزيز نفوذه داخل النظام السياسي.
توليه الحكم
بعد وفاة حافظ الأسد في يونيو 2000، تولى بشار السلطة بعد تعديل دستوري خفّض الحد الأدنى لعمر الرئيس إلى 34 عامًا، بما يتناسب مع عمره حينذاك. حاز بشار على دعم شعبي كبير في بداية حكمه، حيث رأى الكثيرون فيه شخصية إصلاحية قادرة على تحديث الدولة السورية. أطلق ما عُرف بـ"ربيع دمشق"، وهي فترة من الانفتاح النسبي على المستوى السياسي والاجتماعي، لكنها لم تدم طويلًا بسبب المخاوف من زعزعة استقرار النظام.
السياسات الداخلية والخارجية
على الصعيد الداخلي، اتبع بشار الأسد سياسات تهدف إلى تعزيز السيطرة المركزية، مع وعود بالإصلاح الاقتصادي. شهدت سوريا بعض التحسينات في البنية التحتية وتوسيع خدمات الإنترنت والتعليم، ولكن التحديات الاقتصادية استمرت، خاصة في ظل العقوبات الدولية وسوء الإدارة الاقتصادية.
أما على الصعيد الخارجي، فقد ركز بشار على تعزيز التحالف مع إيران وحزب الله في لبنان، مما جعله لاعبًا رئيسيًا في السياسة الإقليمية. كما حاول تحسين العلاقات مع الدول الغربية في فترات محددة، خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث تعاونت سوريا في مكافحة الإرهاب. ولكن العلاقات مع الغرب تدهورت بشكل حاد بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005، حيث وُجهت اتهامات لسوريا بالتورط في الحادث.
الأزمة السورية
يُعتبر الصراع السوري الذي بدأ في عام 2011 أهم تحدٍ واجهه بشار الأسد. بدأت الاحتجاجات الشعبية بمطالبات بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، لكنها تصاعدت بسرعة إلى نزاع مسلح. اعتمد الأسد في البداية على القمع الأمني، ثم لجأ إلى تحالفات مع قوى محلية وإقليمية ودولية مثل إيران وروسيا.
لعبت روسيا دورًا محوريًا في دعم نظام الأسد، خاصة بعد تدخلها العسكري في عام 2015، مما ساهم في استعادة قواته السيطرة على معظم الأراضي السورية. ومع ذلك، واجه الأسد انتقادات واسعة من المجتمع الدولي بسبب الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الكيميائية.
التحديات الراهنة
على الرغم من استعادته السيطرة على معظم سوريا، يواجه بشار الأسد تحديات كبيرة، بما في ذلك إعادة المواجهات مع المعارضة المسلحة وسط ضعف حلفائخ بسبب الحرف في فلسطين
الأزمة الاقتصادية: يعاني الاقتصاد السوري من انهيار حاد نتيجة الحرب والعقوبات الدولية، مما أدى إلى تدهور مستوى المعيشة للمواطنين.
العزلة الدولية: لا يزال النظام السوري معزولًا عن العديد من الدول الغربية، مع استمرار العقوبات المفروضة عليه.
3. إعادة الإعمار: تقدر تكاليف إعادة إعمار سوريا بمئات المليارات من الدولارات، وهو أمر يبدو صعب المنال في ظل الوضع الحالي.
الشخصية والنفوذ للرئيس السوري
يُعرف بشار الأسد بشخصية حذرة ومتحفظة. نادرًا ما يُدلي بتصريحات علنية، ويفضل العمل من خلف الكواليس. يعتمد على دائرة صغيرة من المستشارين والمقربين لإدارة شؤون الدولة، مما يعكس الأسلوب البيروقراطي التقليدي للنظام السوري
يظل بشار الأسد شخصية مثيرة للجدل، حيث يُنظر إليه بشكل مختلف بين مؤيديه ومعارضيه. يرى أنصاره أنه صمام أمان للدولة السورية في مواجهة الإرهاب والتدخل الأجنبي، بينما يعتبره منتقدوه مسؤولًا عن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. وبغض النظر عن وجهة النظر، فإن تأثير بشار الأسد على سوريا والمنطقة لا يمكن إنكاره، وسيظل موضوعًا للدراسة والنقاش لفترة طويلة.